اسم لبنان في نصوص ايبلا - كتاب " لبنان جدلية الاسم والكيان عبر ٤٠٠٠ سنة " - د. انطوان خوري حرب -
اسم لبنان في نصوص ايبلا
(حوالي ٢٤٠٠ سنة قبل الميلاد)
**هذه الوثائق الكتابية تعود الى النصف الثاني من الالف الثالث قبل الميلاد** وتغطي فترة 150 سنة تقريبا بين حكم سرجون الأول الاكادي وحكم نارام سين ، ( من ٢٤٠٠ الی ۲۲۰۰ ق.م. ).
**وهي تعتبر الأقدم والاهم في بلاد الشام التي كانت تشكل حلقة وصل بين حضارتي بلاد ما بين النهرين ووادي النيل.**
تتناول رُقُم ايبلا الكتابية مواضيع متعددة ، من اجتماعية الى دينية وعسكرية وتاريخية قانونية وعلمية وادبية . لكن معظمها يغلب عليه الطابع الاقتصادي ( زراعي صناعي تجاري والاداري) .
وقد ورد اسم « لبنان » لاول مرة في التاريخ المدون في وثيقة بالخط المسماري على لوح طيني عثر عليه بين المحفوظات الملكية المدينة ايبلا .
محتوى هذه الوثيقة يشير الى انها تقرير عسكري ، او مذكرات يومية ، لحملة عسكرية قامت بها مملكة ايبلا ضد مملكة « ماري » Mari . وقد دون هذا التقرير قائد الحملة واسمه إنا - دجن » Enna - Dagan ، وهو موجه الى ملك ايبلا ، وينبئه بالنصر الذي حققه ضد مدينة « ماري » . وقد نصب القائد « اتا - دجن » نفسه ملكا على مملكة ماري بعد استيلائه عليها ، مكان ملكها الشرعي آبلول - ایل IBLULL-IL وبهذه الصفة يتوجه الى ملك ايبلا
يبدأ النص كالتالي :
《 آن - ما / إن - نا - دا - جان / إن / ما - ري - في - نا - / إن / إب / لا 》
ومعناه : « هكذا ، إنا - دجن ، ملك ماري ، الى ملك ايبلا »
ثم يروي « إنا ۔ دجن » سيرة حملته ويذكر في اول التقرير 《 آ - بو - رو / أو - / إل - جي / كلم يتم - كلم يتم / بي - لا - أن / سا – أو- مو / إن / ما - ري / تون - شه / 》
ومعناه : « حاصرت مدينة ابورو Aburu ومدينة إلجي Ilgi التابعتين لدولة بلاد بیلان Belan ، ودحرت ملك ماري »
ويلي هذا الجزء الأول من التقرير ، المقطع اللفظي الذي يرد فيه اسم « لبنان » ، هكذا :
《 إن - دو - سار / إن / کور / لا - با - نا- أن | جار ... 》
ومعناه :
« ورمادا وحطامة / ال / البلاد الجبلية / لبنان / تركتها .. »
أو : « تركت بلاد لبنان الجبلية حطاما ورماد ...»
يتبين من هذا النص الحقائق التالية :
١ - ان اسم « لبنان » هو من أقدم أسماء بلدان العالم الحالية ، ان لم يكن أقدمها ورد في نص مكتوب، اذ انه يرجع في الزمن الى حوالي 4400 سنة ، على اعتبار آن نصوص ایبلا تعود إلى حوالي ٢٤٠٠ سنة قبل الميلاد ..
۲- ان « بلاد لبنان الجبلية » كانت آهلة بالسكان لكي يتركها القائد « إنا - دجن » الايبلاوي « حطاما ورمادا » اذ لا يعقل أن يكون قد « حطم » الصخر والتربة وانتقم من الغابات فأحالها « رمادا » لذلك من المرجح أنه قد واجه مقاومة من قبل الشعب الساكن في « بلاد لبنان الجبلية » ، فأدّبهم وترك بيوتهم ومنشآتهم وحقولهم « حطاما ورمادا ».
٣- إن اسم « لبنان » مرتبط بطبيعة ارض لبنان « الجبلية » المتميزة عن المناطق السهلية والبوادي التي تحدها من جهة الشرق .فلو لم يكن لبنان جبلا ، لما كان أبيضا ، ولما سمّي و «لبنان» .
٤ - يبدو من هذا النص أن القائد أنّا - دجن الايبلاوي اعتبر « بلاد لبنان الجبلية » من البلاد العدوة بسبب الانحياز المحتمل الحكام مدنها ، ومنها جبيل وصيدون وبيروت وعرقا التي ورد ذكرها في نصوص ایبلا ، إلى عدوه ملك ماري ، مما أوجب اجتياحها ، ومدينة « ماري » ( اسمها الحالي « تل الحريري » ) الواقعة على الفرات الأوسط جنوبي مصب الخابور في شمال سوريا ، اتخذها الاموريون عاصمة المملكتهم ، ومن أشهر ملوكهم حمورابي ( ۱۷۹۲ - ۱۷۵۰ ق.م. ) المعروف بشرائعه .
من كتاب " لبنان جدلية الاسم والكيان عبر ٤٠٠٠ سنة "
![]() |
المراجع |
Comments
Post a Comment